السلام عليكم إخوتي و أخواتي أعضاء المنتدى
سأتطرق اليوم في حديثي إلى موضوع لطالما أرق المجتمع بأسره كبارا و صغارا ، ألا و هو موضوع احترام المعلم و تقديره من قبل طلبته و مجتمعه. إن الناظر في أيامنا هذه يرى فرقا شاسعا بين حال المعلم منذ حوالي 30 عاما و بين حاله في الوقت الراهن. أذكر من تجربتي عندما كنت على مقاعد الدراسة كيف كانت مكانة المعلم و هيبته في مجتمعه، حيث كان المعلم هو السلطان الآمر الناهي في غرفته الصفية ؛ فلم يكن أحد من الطلبة يجرؤ حتى على رفع بصره أمام معلمه لا خوفا منه و لا جزعا و إنما احتراما له و لمكانته و للرسالة النبيلة التي يؤديها و يضحي براحته من أجلها و المتمثلة في تربية أبنائه الطلبة على الفضيلة و الخلق الحسن قبل أن يشرع في تعليمهم. و أذكر أنني التقيت أحد المعلمين القدامى قبل خمسة أعوام بعد أن فرغنا من صلاة الظهر فلما وقع بصري عليه نظرت إليه نظرة إجلل و تقدير ثم بادرت بإستلام يده و أردت تقبيلها إلا أنه امتنع عن ذلك . أتدرون لم أردت تقبيل يده تلك الساعة ؟ لأن يده كانت تلك اليد التي صفعتني يوما ما لاقترافي خطأ جسيما ما كان ينبغي لي أن أفعله ، لا سيما و أنني كنت طالبه الأول في مادة اللغة الإنجليزية.
إنني لا أقول مقالتي هذه على سبيل المبالغة لكي أحيط المعلمين بهالة من النور تصنعا لهم و تزلفا و إنما ينبغي علي أن أقول الحق بقلمي إن عجز عنه لساني. فلننظر إلى حال المعلمين في الوقت الراهن و ما يلقونه من أمور تدمي القلب و تبكي العين. أيجدر أن يكون هذا المعلم الذي ضحى براحته من أجل طلبته مهينا و ذليلا؟ إنني لا أدري لم هذا التعسف الجائر في التعامل مع المعلمين في مجتمعنا ، و بالأحرى لم أصبح المعلم عرضة لسخرية الطلبة و استهزائهم ؟ لم يقف المجتمع - أغلبه إن لم يكن كله - ضد أبسط الحقوق المشروعة للمعلم؟ إنني لا اقول ذلك لأنني معلم و متعصب لزملائي المعلمين و لكن الواقع يفرض نفسه لتنطق كلماتي بهذه الحال المأساوية للمعلمين. لقد لاحظت أن هنالك قوانين لحماية المعلم من اعتداءات الطلبة ولكن السؤال يطرح نفسه: هل يتم تفعيلها و العمل بها لصالح المعلم ؟ و لماذا يتم تطبيق قوانين حماية الطلبة فورا بمجرد شكوى حتى و لو كانت تلك الشكوى باطلة ؟ أذكر أن أحد مدرائي القدامى قال لي يوما : إن المعلم مذبوح من الجهتين ، فإن عاقب طالبا مشاغبا تأتيه لجنة التحقيق من التربية و التعليم و قد تأتيه سيارة الشرطة لتكبله و تقتاده مصفد اليدين أمام الطلبة جميعا. و إن اعتدى عليه الطلبة قال له أولياء الأمور و المسؤولون إن أبناءنا طائشون فلا تنزل مرتبتك إلى مرتبتهم و هكذا يضيع حقه باعتذار كاذب و تافه.
و مما يثير الحزن فعلا هو أن نجد الإعلام متحيزا إلى حد كبير إلى قضايا الاعتداء على الطلبة دون أن يبحث في أسباب ذلك ، حيث يصور الإعلام أن المعلم وحش لا يرحم و أن عصاه تترك الألم في نفوس الطلبة ، ولكن أين كان صوت الإعلام ساعتئذ حينما يتم الاعتداء على معلم أو معلمة بغير حق؟ لماذا يكتم الإعلام صوته كلما كان الحق لصالح المعلم ؟ لطالما قرأنا كثيرا عن حوادث الاعتداء على المعلمين و المعلمات ولكن هل أوصل الإعلام تلك الشكوى إلى المسؤولين؟ و لو سلمنا جدلا أنه أوصلها هل ستبعث التربية بلجان تحقيق لمعاقبة المعتدين ؟
إنني لن أجيب هذا السؤال لأن الحال معروفة و لا حول و لا قوة إلا بالله .
يا أيها المجتمع و يا أيها الطلبة ، ارحموا عزيز قوم ذل ، كفاكم تحقيرا للمعلم و سخرية به. لا تتذرعوا بشخصية المعلم و ضعفه بل كونوا معه و آزروه في محنته التي يمر بها في ظل الأوضاع الاجتماعية السيئة التي يعيشها . و إنني لن أتوقف عند هذا الحد ، بل سأطلق قلمي دفاعا عن المعلم كلما دعت الحاجة لذلك .
قم للمعلم وفه التبجيلا
كاد المعلم أن يكون رسولا