إنها قصة مؤلمة وقعت أحداثها في مصر و كانت الضحية فيها فتاة نالت حظها من القهر و الألم على يد أقرب الناس إليها ، حيث لم تنل حقها في التقدير و لو بعبارة جزاكي الله خيرا يا ابنتي.
كانت المسكينة هي من تحملت مسؤولية بيت بأكمله بعد وفاة أمها لأنها كانت الكبرى حيث لم تكمل دراستها و اشتغلت حينئذ برعي الأغنام و العناية بإخواتها و أخواتها الصغار ، فلم تكن تلقى من أبيها ذلك التقدير الذي كانت تحلم به منذ أمد بعيد ولكنها اصطبرت لحكم ربها جل جلاله ، آملة في يوم ما أن يعوضها الله تعالى بزوج يكرمها في حياتها.
إلا أن آمالها في ذلك تلاشت و أصبحت أضغاث أحلام ، إذ كان والدها يرفض تزويجها لكل من كان يجيؤها خاطبا بحجة أنها هي القائمة على البيت و المسؤولة ، و في الوقت ذاته فقد تزوجت أخواتها و أصبحن يتعالين عليها و تزوج إخوتها و لم تكن تسمع إلا أقسى الكلام و أغلظه من زوجات إخوتها، فحينئذ اسودت الحياة في وجهها و بلغ بها اليأس منتهاه فلم يكن ملاذها الوحيد حينئذ إلا العزلة بعيدا عن الناس و البكاء بصمت، ولكن الله سبحانه و تعالى لا ينسى عباده .
و أخيرا يشاء الله أن تمرض هذه الفتاة مرضا شديدا و يحن قلب الوالد القاسي عليها ولكن بعد فوات الأوان. فعندما عادها ليراها أخبره الأطباء أنها قد لا تعيش إلا يوما أو يومين. أتدرون ماذا طلبت الفتاة ؟ لقد طلبت أن ترى الشيخ الفاضل محمد حسان حفظه الله تعالى لكي يكون شاهدا على ما ستنطق به الفتاة قبل أن تسلم روحها ، و كان لها ما أرادت. و حينما جاءها شيخنا دعت والدها أمامه و قالت لأبيها: يا أبي قل آمين. فاستغرب الأب من طلبها و قال لها و هي في دقائقها الأخيرة: و لم يا ابنتي ؟ فقالت : إنني أريد هذا . هيا قلها. فحينئذ قال : آمين و كررها ثلاث مرات ، فما ان انتهى من قوله حتى قالت له ابنته و هي تدعو عليه دعاء زلزل قلبه: روح يا أبي ، الله يحرمك الجنة و لا يجعلك تشوفها . فكان دعاؤها هذا آخر ما نطقت به ثم أسلمت روحها.
فاتقوا الله أيها الآباء و لا تظلموا بناتكم. و صدق الرحمن الرحيم حينما قال : يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي و جعلته بينكم محرما فلا تظالموا ......